أكد باحثون مغاربة في المجالات الرقمية والتقنية أن تأكيد وزارة الداخلية على إدماج عناصر الذكاء الاصطناعي في المنظومة الأمنية والإدارية يمثل خطوة نوعية نحو ترسيخ سيادة أمنية وطنية قائمة على الابتكار والاستباقية.
وسجّل الباحثون أن هذا التوجه يعكس تحولاً استراتيجياً في مفهوم الأمن، بوصفه منظومة شاملة قادرة على توظيف الذكاء الاصطناعي كأداة للتحليل والتوقع واتخاذ القرار المبني على المعطيات الدقيقة.
وأوضح المتخصصون أن هذا المسار سيسهم في بناء بيئة رقمية قادرة على مواجهة المخاطر المعقدة والمتغيرة، من خلال تحسين التنسيق بين المؤسسات وتبسيط مسارات اتخاذ القرار، معتبرين أن التحول الرقمي في المجال الأمني أصبح ضرورة استراتيجية لضمان أمن مستدام يجعل من الذكاء الاصطناعي أداة لخدمة الإنسان في القطاعات الحيوية.
وكان عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، قد أكد أمام لجنة نيابية الأسبوع الماضي، أن مصالح الوزارة تعمل على توظيف التقنيات التكنولوجية الحديثة في الاستباق الميداني، من خلال إدماج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة المعلوماتية، ورقمنة الوثائق الإدارية، وتزويد عناصر الشرطة بكاميرات محمولة لتوثيق التدخلات وتحسين المساءلة، إضافة إلى استخدام الطائرات المسيرة في مراقبة المناطق الشاسعة.
وفي هذا السياق، قال حسن خرجوج، الباحث في الأنظمة الرقمية والتقنية، إن إدماج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة الأمنية “يمثل استثماراً استراتيجياً في آليات رقمية وطنية قادرة على التطور بإرادة مغربية خالصة”، مشيراً إلى أن هذا التوجه “سيسهم في تعزيز القدرات الأمنية على التصدي للجريمة والرصد الاستباقي لمختلف التهديدات”.
وأضاف خرجوج أن الذكاء الاصطناعي سيمكن من بناء رؤية شاملة حول الأنماط الإجرامية المتطورة وتوفير أدوات دقيقة لدعم التحقيقات الجنائية، مما يعزز من مصداقية الأدلة الرقمية وصعوبة الطعن فيها. كما أبرز أن المنظومة الأمنية الرقمية المتقدمة “تشكل ضمانة لحماية البيانات الشخصية وتعزيز السلامة العامة، خاصة مع اقتراب التظاهرات الكروية الكبرى”.
من جانبه، اعتبر الباحث الطيب الهزاز أن المغرب “يعيش مرحلة متقدمة في مسار التحول نحو المغرب الرقمي”، مشيراً إلى أن التقنيات الذكية أصبحت “جزءاً أساسياً من عمل العديد من القطاعات، خصوصاً الأمنية”، لما توفره من إمكانيات في الرصد والتحليل والاستباق.
وأشار الهزاز إلى أن الذكاء الاصطناعي بات يُستعمل في الملاعب الرياضية عبر الكاميرات الذكية وخوارزميات التعرف على الوجوه والحركات، مما يساهم في الحد من أعمال الشغب وضمان سلامة الجماهير، فضلاً عن رصد الحملات التحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي وتحليل الأنماط السلوكية المشبوهة.
وختم المتحدث بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة ستعرف مزيداً من الدمج بين التقنيات الرقمية والأمنية، مع تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي وتطبيقاته في تحليل الصور والفيديوهات والتوقعات السلوكية، مشدداً على ضرورة تحقيق التوازن بين الأمن الرقمي وحماية الخصوصية لضمان تحول رقمي يخدم المواطن ويعزز الاستقرار.
